إنفيديا تعود إلى السوق الصينية مع تغيّر في بيئة التجارة العالمية

نُشر بتاريخ 12.08.2025
في خطوة استراتيجية تُعيد تشكيل مشهد صناعة أشباه الموصلات، استأنفت شركة إنفيديا مبيعات شريحة الذكاء الاصطناعي H20 إلى الصين، بعد تلقيها تطمينات من إدارة ترامب بشأن حصولها على تراخيص تصدير. وتشير هذه الخطوة إلى إعادة تموضع مهمة في العلاقات التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، وتُعيد فتح أحد أكبر أسواق الحوسبة عالية الأداء في العالم أمام الشركة الأمريكية.
ورغم أن شريحة H20 ليست الأحدث ضمن منتجات إنفيديا، إلا أنها صُممت خصيصاً لتتوافق مع القيود التي فرضتها إدارة بايدن، ما مكّن الشركة من مواصلة بيع شرائح محدودة إلى الصين دون خرق قوانين التصدير الأمريكية. لكن لاحقاً، شُملت H20 في قيود أكثر تشددًا فُرضت خلال إدارة ترامب، استهدفت منع الصين من الوصول إلى تقنيات يُمكن استخدامها في الأغراض العسكرية، أو أنظمة المراقبة، أو تطوير الذكاء الاصطناعي – وهي مجالات تعتبرها واشنطن تهديداً للأمن القومي.
أما الآن، فإن السماح المحدود بالتصدير يعكس تحولاً في السياسة نحو رقابة أكثر انتقائية؛ لا تزال تستهدف التقنيات المتقدمة، لكنها تُبقي على مساحة للتبادل التجاري في فئات الأداء المنخفض، في محاولة واضحة لموازنة الفرص الاقتصادية مع الاعتبارات الجيوسياسية.
عودة محسوبة إلى سوق واعدة
لا تزال الصين تمثل سوقاً قوية لأجهزة الذكاء الاصطناعي، مدفوعة باستثمارات ضخمة في مراكز البيانات وبنية الحوسبة، ضمن استراتيجية وطنية لتعزيز الاستقلال التكنولوجي. واستئناف إنفيديا لأنشطتها هناك يُعيد فتح مصدر رئيسي للنمو، ويُعزز من مكانتها العالمية في معالجة الذكاء الاصطناعي القائمة على وحدات المعالجة الرسومية (GPU).
وتأتي هذه العودة في وقت تخضع فيه تدفقات التكنولوجيا العابرة للحدود لمراقبة مشددة. ومع ذلك، فإن منح التراخيص يُظهر أن فرص التعاون المُقيد لا تزال قائمة، حتى في ظل استمرار التوترات.
بوادر لانفراج في العلاقات
إعلان إنفيديا يأتي متوازياً مع مؤشرات أوسع على تخفيف حدة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين:
- في مايو 2025، توصلت الحكومتان إلى هدنة جمركية مؤقتة، وسط مفاوضات مستمرة لوضع إطار طويل الأمد.
- قامت الولايات المتحدة بتخفيف بعض القيود المفروضة على شركات برمجيات تصميم الشرائح العاملة في الصين.
- المدير التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ، زار الصين مؤخراً والتقى بمسؤولين أمريكيين وصينيين لبحث سُبل تطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول، مؤكداً في الوقت نفسه التزام الشركة بتعزيز الابتكار داخل الولايات المتحدة ودعم فرص العمل الأمريكية.
كل هذه التحركات تشير إلى تحول نحو سياسات تقنية أكثر دقة وتوازناً، حيث تسير الاعتبارات الأمنية والاقتصادية جنباً إلى جنب.
آفاق المرحلة المقبلة
رغم أن تراخيص التصدير الحالية تقتصر على شرائح من الفئة الدنيا مثل H20، فإن الرسالة الاستراتيجية واضحة: ما زال هناك مجال لتجارة تقنية انتقائية، تسمح بوجود إنفيديا في السوق الصينية دون تجاوز الخطوط الحمراء التي ترسمها السياسات الأمريكية.
وفي ظل استمرار الصين بضخ الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي، وتراجع حدة التوترات التجارية عالمياً، فإن عودة إنفيديا قد تُمهّد الطريق إلى أداء أقوى خلال النصف الثاني من عام 2025.
كما تمنح هذه الخطوة المستثمرين رؤية أوضح لاتجاه السياسة التكنولوجية الأمريكية - الصينية، وقد تُعيد إشعال الزخم في سوق أشباه الموصلات العالمية.